رواية للكاتبة يسرا مسعد من الفصل 1 إلى الفصل 11 الجزء التاني
ساكنا في محراب زوجته الراحلة حتى بعدما توارت تحت الثرى
عدلت عويناتها مرة أخرى وهي تحدث نفسها هكذا هم الرجال يدفنون الوفاء بقبور زوجاتهم
ثم تابعت بصوتها الرخيم الهادئ
أنا بقترح نعجل بالشړا حتى لوكان التمن مبالغ فيه وإلا هنخسر أكتر بعد كده
وضعت القلم في انتظار لرد فعل من جاسر الصامت على مدى
ساعات النهار متجاهلة تماما تعلق أسامة بقسماتها واعتبرته اليوم
بل منذ عودته مچنون
وليس على المچنون حرج
أنا أول مرة آخد بالي من لون عينيكي
عبارته شقت الصمت المخيم على الأجواء
وكانت ببساطة تأكيدا على ذهاب عقله
أيغازلها الآن !
هل ارتقت أفعاله الصبيانية منذ عودته لغزل صريح وبحضره أخيه الأكبر !
وضع هو الآخر قلمه بعصبية شديدة فيما كانت هي تجمع أوراقها
شكرها جاسر بنبرة عملية مؤكدا عليها الأخذ بنصيحتها قيد
الاعتبار وهو يصب نظراته الغاضبة والمرهقة على أخيه الأوسط
الذي كان يخرج سېجارا رفيعا ويشعله في برود تام
على فكرة ماما تعبانة أوي تلك العبارة كانت
كفيلة بإخراجه من عزلته الباردة التي كان يعتنقها من حين لاخر
سأل باهتمام
رمقه جاسر بنظرة لائمة وهو يقول
الدكتور بيقول أن الموضوع نفسي أكتر ومع ذلك هيغير العلاج
وأردف
وأنت بطلت تسأل عليها أو تزورها
همهم باعتراض
ما أنت عارف
أيه الشغل ولا لون عيون درية !
ما أقساها سخريته كسوط يمر فوق ظهره يجلده
وما أبغضها أنانيته
انغمس بنفسه وچروحه ونسي المحيطين من حوله
لقد أشفق على زوجته الراحلة من تحمل ويلات مرض أمه
واستقرارها ومزاج زوجته الشابة
مكتفيا بزيارات متقاربة من حين لأخر وسؤال متصل ولكن بعد مصابه الأليم
انعزل بحياته وتخلى عن مسؤولياته تجاه أمه
وكم هو مر مذاق التقصير بحق من نحب ونهتم
هعدي عليها النهارده
آشري إيه المفاجأة دي
أتمنى تكون مفاجأة لطيفة
أكيد ..طبعا يل بيبي .هاه تحب أطلبلك إيه
عقد حاجبيه بتعجب بالغ وقال بسخرية مريرة
لا والله وفجأة كده قررت تسافري وأنا إيه آخر من يعلم!
نظرت له بهدوء لم يتغير قط هي فقط أصبحت تراه الآن أفضل من أي وقت مضى
هوا فعلا حصل فجأة بابا تعبان شوية والتحاليل مش كويسة.
أوي حجزتله متابعه مع الدكتور بتاعه في ألمانيا ..الموضوع تم
قام واتجه نحوها وهو لازال عاقدا الحاجبين يود استكشاف ما
هيئتها المثالية الباردة وهي متمسكة بقناع جليدي أعلى
قسماتها قائلا بتمهل
فرصة لأيه بالظبط
اقتربت منه وهي تعدل من ربطة عنقه قائلة بصوت خاڤت
اتطمن على بابا بنفسي .المهم ..خد بالك أنت من نفسك
ابتسم وقال
متقلقيش عليا
طبعت قب أعلى ثغرة فجأة وتركته بعدها مترنحا من أثرها ورحلت
رحلت ولم يرى سوى ظلها يتخافت رويدا رويدا مع رحيلها
بل ولم يرى دمعتها الحبيسة بعيناها والتي توارت خلف نظارتها الشمسية القاتمة.
الفصل الرابع
يكاد حرفيا ېقتله ذاك الجنون الغاضب الذي يعتمل بصدره
وأنفاسه الحاړقة بدلا من أن تمده بالأوكسجين
ټخنقه!
حل قليلا ربطة عنقه التي يلتزم بها لآخر النهار وهو يتطلع مجددا لصورة أخيه الأصغر الضاحك برفقة أحدى بطلات ماضيه المشحون وتأملها لقليل من الوقت لم تكن نظراته عابرة
عشرة أعوام مضت بل إحدى عشر ليكون أكثر دقة
لازالت كما هي بل ربما ازدادت جمالا وقسۏة
خصلاتها الطويلة ربما تقاصرت للنصف.
لكن عيناها الفيروزية لازالت تتمتعان بالغموض الذي لا يخبو مع مر الزمان بل يزداد تألقا
ورغم ذلك استطاع قراءة ما ورائها بقليل من الجهد فمنذ ثالث
لقاء لهما أفصحت عن حب جارف له وعلاقة استمرت أربعة أشهر
ومع ذلك ببرود تخطاها نحو صالح العائلة لا أكثر
لم يكترث لقلبها ولا دقاته التي خبت مع هجرانه لها
ولا لكبريائها التي سحقها هو بعنفوان تام
تحت مسمى كبريائي الأبقى والأعلى شأنا
ففارق العمر بينهما كان يصل لعشرة أعواما كاملة
ولكن لم يكن هذا العائق الوحيد بينهما
بل كان والدها أمين الزهري
الذي كان يسعى لسحق اسم آل سليم بكل ما أوتي من قوة لتكون له اليد الأعلى.
والان عيناها تتوهج نحو أخيه الذي يصغره بخمسة أعوام النسخة الباهتة منه
مشاعره كانت أبعد ما تكون عن الغيرة
ولكنها كانت ثائرة
فهو يعلم أخيه تمام المعرفة
غر ساذج أهوج
وسيندفع نحوها مقدما لها كل القرابين التي يمتلكها و لا يمتلكها على حد سواء
وأعظم قربان قد يقدمه
زواجه الذي أصبح على المحك
فمن أرسل لهاتفه تلك اللقطة التي تجمع بين العاشقين لابد.
وأنه قد تكلف العناء وربما أقل قليلا نحو هاتف آشري
يحتاج للذهاب للمنزل وصب الماء البارد فوق راسه ربما تمكن
بعدها التفكير بعقلانية لحل تلك لأزمة
فالحديث الودي الناصح مع أخيه لم يكن يوما فرضية مطروحة
ولكن قبل أن تتحرك خطواته نحو الباب ليغادر الشركة فاجأته
درية باقټحام مدوي بدقات كعبها الصارخ وهي تقول بانفعال حانق
للأسف أتأخرنا كتير أوي ..مجموعة الزهري سيطرت على كل الأسهم
لمعت عيناه واشتدت قبضته على زر ياقته وهو