السبت 28 ديسمبر 2024

رواية للكاتبة يسرا مسعد من الفصل 1 إلى الفصل 11 الجزء التاني

انت في الصفحة 9 من 36 صفحات

موقع أيام نيوز

أشد لتلك الشمطاء
فإن رحلت فهذا معناه أنها قد انتصرت عليها
ولا تدري متى تحولت من إنسانة هادئة خجولة مطمئنة لتلك التي
تترصد المضايقة والانتقاد 
حتى لو كانت خاسرة فهي رابحة طالما الطرف الآخر خاسر مثلها
متى فقدت طمأنينتها
متى فقدت سلامها النفسي 
متى تحولت نفسها الحلوة لتلك المرة
بل والسؤال الأهم متى ستستعيد صفاء روحها ونقائها !
وهل كان يستحق 
أكان جاسر يستحق تلك التضحيات
في الصباح تكون أكثر نشاطا
أكثر تقبلا لمعطيات الحياة
وكأنها تعاهد نفسها على البدء من جديد رغم كل الصعاب
رغم كل ما مر بها
فقدانها لأمها وهي طفلة في الثانية عشر من عمرها قدر ما كان
قاسېا قدر ما لقنها درسا بقيمة الأشياء والأشخاص في حياتها
ويوما بعد يوم يزداد نضوجها وتقل حاجتها للناس من حولها
منذ إصابة والدها بوعكة صحية شديدة العام الفائت أخذت
تمرن نفسها على تلقيها خبر رحيله عن الحياة لتصبح بعدها وحيدة تماما دونه
نعم هي أحيانا تشعر بالوحدة.
بالرغم من أنها زوجة وبامتياز خمس أعوام مرت
لكن اليوم وتحديدا تلك الساعة المبكرة من هذا الصباح
وهي ممسكة بهاتفها وشاشته تحمل صورة واضحة لملامح
زوجها وهو يغازل أخرى فاتنة لم تكن تجهلها فالكل يعلم من تكون
داليا الزهري 
أيقنت بالفعل أنها وحيدة
عملت أيه يا مچنونة 
لم تلتفت لصړاخ صديقتها المقربة منها وقالت بسأم
بعت الصور لمراته
قفزت انجي من على الكرسي الممدد تحت أشعة الشمس
وجلست على طرفه لتقترب من صديقتها التي وبالرغم من جمال
بشرتها إلا أنها تصر على صبغها بلمحة برونزية قائلة
ليه كده زياد ممكن يبعد عنك
خلعت نظارتها الشمسية ومالت قليلا ناحيتها وقالت بنفاذ صبر
ومين قالك إن زياد يهمني !
شعرت أنها تتوه في مخطط صديقتها بالرغم من أنها كانت سابقا من تحركها بترتيبات لم يكن لعقلها قبل بها
داليا بجد أنا مبقتش فهماك
رن الهاتف ليقاطعهم فنظرت فيه قبل أن تناوله لها قائلة
ده زياد ..أكيد آشري ماسكتتش
تناولت منها الهاتف وألقته في حقيبتها بإهمال فرفعت انجي
حاجبيها بتعجب
كمان مش هترد عليه
وضعت نظارتها من جديد وأجابتها بهدوء
توء
وأطلقت بعدها ضحكة عابثة عندما تلقت ملامح الخيبة والتبرم
المرسومة بدقة على وجه صديقتها وقالت لها
الصبر يا انجي ..كل شيء في وقته
استيقظ متأخرا على غير العادة فرغم تجاوز عدد ساعات عمله
مؤخرا للعشرين ساعة أحيانا إلا أنه كان يحافظ على موعد استيقاظه بعد شروق الشمس بقليل يتريض لنصف ساعة في
حديقة القصر وبعدها يتناول فطوره ويستمع
ربما لشكاوى المحيطين به
بدءا من صغاره لأمه أما زوجته فتكتفى بسلخه بنظرات غير راضية
وأن أمن نفسه ضد هجمات عيناها سيظل فراشه البارد بها أو دونها دليلا دامغا على توتر العلاقة بينهما
إلا أنها في الآونة الأخيرة أضافت لمجموعتها أداة تعذيب جديدة
يراها من خلال انعكاس مرآة سيارته كل ليلة وهي تنتظره في
الشرفة لوقت متأخر وعندما يهم بالصعود لغرفتهم يجدها وقد
تمددت في الفراش متظاهرة بالنوم وفي الصباح تهمل حضوره كليا!
واصبح لا يرى منها إلا ظلا غاضبا يتبعه طوال النهار ويلقي له بنظرات ڼارية فلا يجد سوى بحر العمل ليغرق فيه هربا من ضيق صدره وڠضبها المفتعل دوما
لقد وبخ أمه كثيرا لتطاولها على ذكرى حماه رحمه الله فهو
برغم كل شيء إلا أنه يحمل ذكريات طيبة لهذا الرجل الرائع ويحترمه
وأحيانا يلقى على مسامع صغيرته سلمى حكايات عن جدها الحنون
ولكن سرعان ما وأن عالجته أمه بعيون دامعة واعتذار صادق عن
آلامها وما تسببه الأدوية التي تتعاطها.
ضيق خلقها مؤخرا بسبب
من تعب بالغ بالإضافة لمرضها الذي لإبراء منه
تلك الآلام التي يقف عاجزا أمامها ويرقب أمه وهي تارة تحاربها وتارة تستسلم لها
باختصار إنها تذوي أمامه وبالبطيء بينما هو مكتوف الأيدي أمر قاټل
ومع كل ما تمر به أمه من معاناة مع مرضها العضال يجد زوجته
دوما سريعة الڠضب والاشتعال في كل ما يخصها ويبدو أنها لا تقدر مطلقا حجم تلك المعاناة
مما يشعره بأنها ببساطة خذلته.
صړخة شقت سكون القصر بعد انصراف الأبناء لمدرسهم
ألحقنى ياجاسر بيه
متقلقش شوية تعب بسيط.. هنغير بس في بروتوكول العلاج وهنتابع
هكذا كانت كلمات الطبيب قبيل انصرافه ولكنها بالتأكيد لم تنجح في تهدئته
تغيير نظام العلاج ليس له معنى سوى بأن مرض والدته انتقل لمرحلة أكثر تعقيدا وخطۏرة
رغم العملية الجراحية الناجحة على عكس كل التوقعات التي أجرتها منذ عام
قابلها أخيرا وجه لوجه غير متشبثة بنظرة عبوس ولا متظاهرة بنوم
عميق تقف أمامه ترتجف بشبه اهتمام
هيا عامله إيه دلوقتي 
وبسخريته المريرة رد
لو تهمك أوي ادخلي اسأليها واتطمنى عليها 
زمت شفتيها وقالت
طالما أنت عاوز كده
عندها قاطعها پغضب بالغ ڠضب استعر به
كلا فهو لن يطلب شفقتها على أمه
لاء أنا مش عاوز كده ...لكن لو يهمك أدي الاوضه وأدي
الباب...اكبري ياسالي أنت مش لسه عيلة صغيرة
تحرك من أمامها لأنه كان يعلم جيدا أنه لا جدوى للحديث وأنها
أبدا لن تطرق باب الغرفة وتدخل لتطمثن عليها كما تدعي الاهتمام
وهو كان غير راغب بذلك المشهد
نظراته لم تعجبها ولم تعجبه على حد سواء
ماله!
يتطلع إليها كأنها آخر إذ مرأة على ظهر الكون
وهو الذي كان
10 

انت في الصفحة 9 من 36 صفحات