رواية للكاتبة يسرا مسعد من الفصل 1 إلى الفصل 11 الجزء التاني
من مشاعرها المحبطة بأي عمل
يشغل يديها ويحتل جزءا يسيرا من عقلها
في الماضي كانت تنشغل بالطهي وترتيب المنزل لتهرب من
التفكيير بمشاكلها التي كانت لا تنتهي مع زوجها الراحل
هذا الوسيم الذى يطل عليها بنظراته الحزينة بصورته التي تحتل الحائط المقابل لسريرها
وقد خلت جدران المنزل وأركانه بالكامل من أي ذكرى له سوى تلك البقعة
كانت عملية لأقصى حد
فهي فتاة وحيدة تربت على يد رجل عسكرى أنف الزواج بعد رحيل والدتها حتى وصلت للثمانية عشرة من عمرها وفاجائها
حينها برغبته بالاقتران بمطلقة تصغره بعشرين عاما قد وقع في غرامها !
لم تتفهم كيف لرجل وهو على مشارف الستين عاما بأن يقع صريعا للهوى
كيف وهو العسكرى القوي الصارم الذي لم ترى ابتسماته قط إلا
كانت غاضبة وحانقة وبشدة.
إذ تمكنت تلك المرأة في وقت قصير للغاية من تغيير حياة أبيها بالكامل
فتحول من رجل عبوس ضيق الخلق عملي لأقصى حد دوما لضاحك باسم حالم بل ومتفاعل أيضا
حاولت كثيرا تفهم التغييرات التي طرأت على والدها ولكنها لم
تتفهم أبدا رحيلها عن شارعها وأصدقائها والإنتقال لحي آخر بعيد صاخب
وبشعرها المعقود وملابسها المحتشمة اجتذبت ناظريه فورا وهو
الشاب العابث الذي أذاب قلوب عذروات الحي
ظل يطاردها لعام كامل ولكنها كانت دوما تصده وهي تحلم بالسفر لخارج البلاد
تجتهد بدراستها لعلها تنال منحة لإحدى الجامعات الأجنبية
وعندما نالتها أخيرا وقف أبيها في طريقها مانعا إياها من السفر وتحقيق حلمها ومررت عقابه
فوافقت على الزواج منه بعدما مل ملاحقتها بين أورقة الطرقات لتبدا ماسآة من نوع آخر
زيجة كانت فيها هي الرجل قبل الأنثى
لمهندس حالم طموح ولكنه ضيق الأفق فيضيع من يده فرصة تلو
الأخرى ليرحل عن الحياة مبكرا تاركا إياها وحيدة بين ثلاثة
صغار وديون تكبلها لبقية عمرها
فهذا يعني أنها تعود مجددا لعباءته التي طرحتها منذ زمن
وفضلت الإستقلال بأبنائها وبمعيشتها متحملة مسئوليتها بالكامل
فضلت الحرية
وهاهو ينال من حريتها بأفكار عبثية وبدقات قلب خائڼة
لا تنكر أنها تمتعت بحب زوجها الراحل ولكنها لم تفهمه قط
فكيف لكلمات معسولة وأبيات شعر مرسلة أن تقبض على أوتار إلا بالحب الفعلى وهي لا تومن
فالإهتمام والعطف فعل والود والألفة فعل والشغف والجنون أيضا فمل
لا تلك الرسومات البائسة التي تمتلىء بهم الصناديق أسفل سريرها
ولا أبيات الشعر التي كتبها فى خصلاتها وعيناها وقدها وسط
دفاتر التى تحتل الرف الأخير من خزانتها
طرقات ضعيفة تنمو على باب غرفتها فابتسمت بحنان
وهي تقول
تعالى يا أيهم
فتح الباب وأطلت نظرات صغيرها حزينة فعبست بشدة وقالت
مالك يا أيهم
دخل خطواتان وهو يقول
الدنيا شتيت على سريرى
تهدل كتفها وابتسمت له بحنان وقالت
كدهطب تعالى ننشفك وننشف سريرك
فقال بإبتسامة ضيقة خجولة
أنا نشفت نفسى خلاص
للساعة جوارها فوجدتها الثانية صباحا وهي فعليا مجهدة
الجسد والفكر فقالت
طب تعالى نام معايا وبكرة الصبح أنشف سريرك
نظرت
قفز الصغير مرحبا بدعوة أمه بين أحضانها وهو ينظر لصورة والدة
الباسم ويقول
تصبح على خير يا بابا
لأجل تلك الكلمات هي لم تستطع حمل صورته بعيدا
ولأجل تلك الكلمات أيضا هي ستطرد كلمات ونظرات الآخر بعيدا
ويعود هو لظل لزوجته الراحلة أو لا يعود
ولكنها ستظل متشبثة بالذكرى لأجل صغيرها ولأجل حريتها.
الفصل الخامس
قد يقع كأسا من الزجاج على الأرض وينكسر أو قد يصيبه شرخا صعب الإلتئام في أحسن الأحوال ولكن إن كان من الكريستال الرقيق فالنتيجة المتوقعة هي أن يتحول لفتاتا في الحال وببضع خطوات ثقيلة راقصة ومتواصلة فوقه فالنتيجة هي مسحوقا ناعما ضعيفة ذراته في مواجهة الرياح.
وهذا كان أقرب ما يشعر به بل أن واقع الأمر قد يفوقه بكثير. فمنذ لحظات غادر مكتبه بشركته أو بالأحرى ما كانت يوما شركته جبرا وقسرا وبدفع من أيدي رجال أمن مستأجرون فهي الآن ملك ل داليا الزهري بعقد بيع وشراء وبتوقيع صريح وسليم منه.
ضحك بسخريرة مريرة
سليم
زياد سليم
بل جاسر سليم
ضحك حتى تقافزت الدموع من عيناه
وأخذ ېصرخ في الهواء وفي المارة من حوله
غبيغبيضيعت كل حاجةغبي وعشان إيه والله لأوريكى يا أنا يا أنت..
كان يسير بخطى تائهة وعقله قد جن تماما
أيذهب لقسم الشرطة
وماذا عساه أن يخبرهم لقد باعها شركته ولم يقبض ثمنها
لا بل أخذ الثمن فهذا ما أخبرته به تلك المتحذلقة بالهاتف
لقد كانت جولة مٹيرة فقط هو من أثقل بالشراب فلم يدري متعتها وهذا كان الثمن
أم ينطلق لمحامي العائلة ليحلا سويا تلك المعضلة!
محامى العائلة الذي رفض تسليم أي من أعمال تخصه لأي محامي آخر تحت ضغط من جاسر وانصاع له بالنهاية حتى يستطيع الفوز بنصيبه من الأرث
نصيبه الذي أضاعه بالكامل.
اللعڼة على كل شيء
سيعلم جاسر حينها بمافعله
وسيعود كموظف صغير تحت إمرته وليس هذا فحسب بل ستعود
زوجته قريبا لتكتشف ضياع ثروته وليس بسبب أعمال أو