السبت 28 ديسمبر 2024

رواية للكاتبة يسرا مسعد من الفصل 1 إلى الفصل 11 الجزء التاني

انت في الصفحة 8 من 36 صفحات

موقع أيام نيوز

منغيرك
تهدلت كتفاها بتعب ونظرت إليه ولملامحه المشاكسة تماما مثل أبيه
بارع وبشدة في إشعارها بأن الخطأ خطؤها بالأساس.
والذنب كان ذنبها بالأصل
بل وعليها تقديم اعتذار فوري وحاسم
فرفضت بعند تلك المرة وقالت
فين أخواتك
أجاب متبرما
عمرو في الدرس وحسين حاطت السماعات في ودنه ونايم
تركها ومضى في الظلام يتحسس طريقه
حضرتلك الغدا مع عمرو ..اتغدى هوا قبل ما ينزل مع حسين
وأنا قلت أستناك بس كنت غلطان
تمالكت ضحكاتها المختلطة بدموع الذنب وهي تراقب رحيله
الغاضب نحو غرفته وهي تفكر
بل هو أبيه 
أغلقت التلفاز والمذياع وتحسست بقية الأجهزة تحسبا وبعدها
أعادت المفاتيح لوضعها وعمت الأنوار أرجاء شقتها الواسعة
الغرف كلها مضاءة حتى حمام الضيوف!
فصغيرها رغم شجاعته وحماقته اللامتناهية يرهب الوحدة كأي طفل في عمره
دخلت غرفته التي يتشاركها مع أخيه الأوسط وهى تخاطبه
متزعلش يا أيهم ..يعني عاجبك كل يوم أرجع الأقي طنط اجلال مقبلاني بالشكل ده
جعد أنفه بحركة صبيانية مشاكسة
وأنا مالي بأم أويق دي عنفته سريعا
ولد! أتأدب ميصحش تقول عليها كده
ظل عابسا بل وصمم على مزيد من التجاهل همست وهي تقترب
اللي خلف مامتش طالع عنيد لأبوك
جذبته بحنان وقبلته بدفء وهي تعبث بخصلات شعره الغزيرة الناعمة قائلة
أنا هروح أتشطف وناكل سوا
واطمأنت قبل أن تخرج على الآخر الغارق بسبات نوم لا ينتهي
إثر كل مباراة قدم يشترك بها فريقه ورفعت في طريقها للخارج
ملابسه المتسخة التي ألقاها بإهمال
وقبل أن تخلع ملابسها قامت باتصال هاتفي مع والدة صديق
ابنها الأكبر والتي يقام في منزلها درس الرياضيات لتطمئن على ابنها
أن تفقد الأنثى اهتمامها فجأة بالرجل
فهذا يعني أنها قد توقفت عن حبه
بل ربما كراهيته أيضا منذ زمن بعيد
ولكنها لم تفقد اهتمامها به قط ولا توقفت عن الشغف به وبكل تفاصيله
حتى أنها وبعد مضي الساعة لازالت تنتظره بالشرفة
تفتقده وتشعر بالقلق البالغ عليه
ولكن كبريائها أو بالأصح بقايا كبرياء استقرت داخلها تمنعها من
أن تفعل وتريح على الأقل قدميها
ولاداعي لذكر العقل الذي توقف عن العمل منذ أن تخطت
الساعة منتصف الليل بكثير فالقلب قام بالمهمة على أكمل وجه
ومر بخاطرها كل الظنون والمساوئ اللعېنة التي قد تصيبه أثناء
غيابه وطرقت برأسها للمرة الألف ربما لهاتفها الساكن فوق الطاولة تراجع إشارته وصوته
إذا ما الذي يمنعه من الاتصال والنزول من عليائه قليلا ليتصل بها ويطمئنها عليه!
لو إمكانها الاتصال به كما كانت تفعل بالماضي
الماضي الذي يعد بالنسبة لها ماض سحيق يعود ربما لأول سنة من عمر زيجتهم
كان أحيانا كثيرة يقابل نوعية تلك المكالمات القلقة من جانبها.
بشيء من النفور حيث أنه لم يعد طفلا صغيرا
ولكن الأمر أضحى تبرما واضحا لإضاعتها وقته الثمين بتلك
الأسئلة الفارغة التي لا معنى لها سوى أنها تعاني من فراغ وضيق أفق بين وتوقفت عن الإتصال به
فقط للطوارئ
كانت تلك كلماته بالتحديد عدا ذلك لن يرد عليها
وماهي الطوارئ بالنسبة له سوى مكروها أصاب والدته المصون
أو أحد الأبناء بعيد الشړ
أو هي ..قالها على استحياء
وربما كان داخله يظن أنه لا مانع هكذا توقن
وهكذا توقفت عن الاتصال به
حتى في الطوارئ
التي حدثت مرة أو اثنتان وتكفلت الجاسوسة نعمات بالاتصال
إذ وقع سليم من أعلى الدرج مرة كلفته شقا أسفل ذقنه ومن ستر
الله لم يكن ظاهرا للأعين ولكنه كان في نظره چرحا بليغا مهولا چرحا يجسد تقصير وإهمال منها
هكذا كانت هي دوما المقصرة بحق أبناءه أمه وهو ..
الجميع باختصار!
وعاودت النظر للهاتف مرة أخرى
وأبدا هي لن تتصل به
ولكنها ستظل واقفة لساعة أخرى ربما تنتظره وبعد أن يعود
ستتظاهر بالنوم كما كانت تفعل منذ أسبوع تقريبا
فبعد أن تحسنت الأجواء نسبيا بينهما وشعرت سوسن خانون
بتلك الهدنة المؤقتة حتى أشعلت حربا جديدا معها
وكالفراشة الساذجة التي تنجذب للهب مرة بعد الأخرى
وقعت بشرك مؤامرتها التي لا تكف عن اللجوء لها
افتعال مشكلة ما تتطاول فيها عليها بالإهانات
فلا تسكت سالي ولا تنتبه أنها دوما تختار توقيتا مثاليا يكون
فيه جاسر على وشك العودة والدخول للمنزل ليرى أمه بهيئة.
أقرب للإغماء وزوجته وقد اشتد ڠضبها واحمر وجهها وصوتها يهز أركان المنزل الواسع
ولكن تلك المرة كانت سوسن خانون تمادت هي الأخرى
بالسباب والإهانة حتى طالت ذكرى أبيها المرحوم
فاندفعت سالي بسباب مماثل لها تلك الشمطاء
لم يكن سبابا بالمعنى الحرفي ولكنها فقط قالت أنها لن ترقى
أبدا لتكون إنسانة حتى تسب مېتا لم ترى منه شړا قط ولمحت في عيناه رفضا وتخاذلا.
فلا هو أسكت أمه التي تمادت بالسباب في حضوره
ولا هو واساها بعدها
بل تلك النظرة المخزية التي تخبرها أنها خذلته
اللعڼة عليه وعلى أمه وعلى خذلانه الوضيع
كادت تلملم أشياءها
فلا بقاء لها في منزل تحت سقفه أهينت ذكرى والدها الحبيب
وكانت على وشك أن تجمع ملابسها وترحل للأبد
ولكنها توقفت وكفت عن جمع الملابس بل ورتبتهم من جديد
في هدوء بالغ وبديناميكية شديدة أعادت كل شيء لمكانه.
وكأنه كان بداية حريق أسقط فوقه دلوا مملوء بماء بارد وانطفأ
عندما همست لها نفسها الجبانة أنه أبدا لن يأتي ليسترضيها
وسيتركها في بيت أهلها حتى تتعفن
وکرهت نفسها وکرهت تلك حقيقة
وبقيت
ونفسها تواسيها أن في بقاءها ڠضبا

انت في الصفحة 8 من 36 صفحات